المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 9/6/2020
قد يكون لدى مسؤولي الصحة العامة مخاوفهم بشأن المخاطر التي لا يزال يُشكلها وباء فيروس كورونا، ولكن يتحول مُستثمرو السندات بعيدًا عن سنداتهم التي تُمثل أصول الملاذ الآمن – في ظل استعدادهم لتحمل المزيد من المخاطر للحصول على المزيد من الأرباح. فقد ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية، بالإضافة إلى استثمارات الملاذ الآمنة الأخرى مثل السندات الحكومية الألمانية في ظل تخلي المُستثمرين عن هذه السندات الدفاعية بحثًا عن الأوراق المالية الأكثر مخاطرة.
كما أن القرار الذي اتخذه البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس الماضي بإضافة 600 مليار يورو إلى برنامج شراء الأصول الطارئ الذي كانت قيمته 750 مليار يورو بالفعل، قد منح المُستثمرون الثقة في أن عائدات السندات الإيطالية وغيرها من الأوراق المالية عالية المخاطر سوف تستقر في ظل استمرار البنك في شرائها.
وقبل صدور تلك الأنباء، انزلقت عوائد السندات الإيطالية الآجلة لمدة 10 أعوام لتُصبح نسبتها 1.4% بعد أن بلغت نسبتها 1.6%، وذلك قبل أن ترتفع مُجددًا بنسبة 1.45% يوم الأمس الاثنين.
جدير بالذكر أن بيانات التوظيف الأمريكية التي فاقت التوقعات الصادرة يوم الجُمعة الماضية، والتي أظهرت زيادة عدد الوظائف بالاقتصاد الأمريكي بواقع 2.5 مليون وظيفة خلال شهر مايو وتراجع مُعدل البطالة بنسبة 13.3% مقارنة بالتوقعات التي كانت تُشير إلى تراجعه بنسبة 20%، قد دفعت الأشخاص بعيدًا عن سندات الخزانة.
فقد ارتفعت عائدات السندات الآجلة لمدة 10 أعوام بواقع 11 نقطة أساس لتبلغ نسبتها 0.926%، وذلك بعد صدور تقرير التوظيف يوم الجُمعة الماضية، لترتفع بواقع 30 نقطة أساس خلال الأسبوع. جدير بالذكر ان عوائد السندات تتحرك في اتجاه عكسي مع الأسعار، لذلك فإن زيادة العوائد تُشير إلى تراجع الأسعار وبيع المُستثمرين للسندات فائقة الأمان مقابل الحصول على الأوراق المالية ذات العوائد المرتفعة.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الآجلة لمدة 30 عامًا بواقع 10 نقاط أساس يوم الجُمعة الماضية، لترتفع بذلك بنسبة 1.723% في ظل استمرار حدة مُنحنى العائد. جدير بالذكر أن عائدات سندات الخزانة كانت مُستقرة يوم الأمس الاثنين قبيل اجتماع السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي المُقرر انعقاده اليوم الثلاثاء وغدًا الأربعاء.
وفي الوقت ذاته، قفزت السندات الحكومية الألمانية الآجلة لمدة 10 أعوام إثر صدور أنباء البنك المركزي الأوروبي، لتُنهي بذلك تداولاتها على تراجع بنسبة -0.27%، بعد ارتفاعها على مدار الأسبوع من المُستوى السلبي 0.393 خلال الأول من يونيو. وبالتالي، أدى ذلك إلى تراجع الفارق بين عائد أذون الخزانة وعائد السندات الحكومية الإيطالية الآجلة لمدة 10 أعوام من 190 نقطة أساس إلى 172 نقطة أساس.
وفي الوقت ذاته، تراجع الفارق السعري للعوائد بين سندات الخزانة الآجلة لمدة عامين و10 أعوام بواقع 10 نقاط أساس ليبلغ 72 نقطة أساس يوم الجُمعة، وهو أعلى مُستوى له خلال عامين، بعد ارتفاعه بواقع 25 نقطة أساس على مدار الأسبوع، في إشارة أخرى على أن المُستثمرين يشعرون بالثقة البالغة في أن الانتعاش أصبح وشيكًا. وبالحديث عن الركود الذي يأتي على شكل حرف V – الذي يُمثل تراجع حاد يتبعه ارتداد حاد – قد بدأ في الظهور مُجددًا.
فقد أدت زيادة الفوارق السعرية إلى تكهن البعض بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في إدارة منحنى العائد لتخفيف الضغوط على العوائد على المدى البعيد، حيث إن التزامه بأسعار الفائدة المنخفضة يُبقي على عوائد السندات الآجلة لمدة عامين مُنخفضة أيضًا. ويُشكك البعض في أن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في التدخل، على الأقل ليس في الاجتماع المُنعقد خلال الأسبوع الحالي.
على أية حال، تراجعت فروقات أسعار السندات الآجلة لمدة عامين و10 أعوام لتبلغ 65 نقطة أساس يوم الاثنين الماضي. كما ازداد الفارق بين السندات الآجلة لمدة 10 أعوام و30 عامًا خلال الشهر الحالي، لتبلغ 90 نقطة أساس يوم الجُمعة الماضية، مقارنة بحوالي 65 نقطة أساس في نهاية شهر مايو.
منحنى العائد الحاد – الذي يعني أن العائدات على المدى الأطول تزيد على نحو أسرع من العائدات على المدى الأقصر (أي أن الأسعار تقل بسرعة أكبر نسبيًا) – قد يُشير إلى توقعات نشاط اقتصادي أقوى، وربما أيضًا توقعات بارتفاع مُعدل التضخم.
والآن، فإننا بعيدون كل البعد عن مُنحنى العائد المقلوب الذي شهدته السندات خلال العام الماضي، عندما تكون العوائد على المدى البعيد أقل، وهو ما يُنذر عادة بحدوث ركود. وفي الوقت الحالي حدث ركود بالفعل، حيث تزداد خطورته أكبر بكثير مما كان يتخيل أحد. وعلى العكس، ففي الوقت الحالي يعني المُنحنى الحاد أن المُستثمرين يأملون في حدوث انتعاش قوي.